المبدع ملك جمهوره وليس ملك الورثة، الروائى ملك قرائه وليس ملك النقاد. نجيب محفوظ ملك المصريين وليس ملك إبراهيم المعلم ولا حتى ملك أسرته وبناته. ليس من حق المعلم المبجل المحترم، ولا حتى زوجته الراحلة طيب الله ثراها، ولا حتى بناته الفضليات أن يغيروا حرفاً من روايات نجيب محفوظ بدعوى التهذيب. لا يحق لدار الشروق التى احتكرت أعمال نجيب محفوظ بعد نوبل أن تعلمنا الأخلاق وتفرض نفسها وصية على ذوقنا وتغير اسم رواية «عبث الأقدار» إلى «عجائب الأقدار». وعندما تثار القضية على الفيس بوك يخرج علينا الناشر بمبرر واهٍ متهافت وهو أنه غيّر وبدّل وحذف من أجل تلاميذ المدارس وبموافقة نجيب محفوظ. لسنا نناقش مشكلة صحة عقود وصدق توقيعات لكننا أمام مشكلة فكر يحكم الناشر إبراهيم المعلم، وواضح جداً من خلال الاتجاه الإخوانى الذى يتبناه والذى ظهر فجأة بعد يناير، فالمهم ليس توقيع نجيب محفوظ، ولكن المهم أنه لم يكن اقتراح نجيب محفوظ بالتأكيد بل هو اقتراح المعلم وهو ما يفضح منهج وطريقة التفكير المعلمية الشروقية. ممكن أن تلخص رواية، هذا موجود فى العالم كله، لكن أن تغير عنوانها، وتغيره لأن حضرتك صاحب مزاج سلفى وشايف إن ده عيب وحرام ومايتكشفش على مراهقين فهذا تصرف من قبيل الخيانة الأدبية والتدليس الفكرى. حاول ناشر سابق مع روايات «إحسان» أن يطبق نفس المنهج، وبرغم أنه كان يغير بفجاجة داخل المتن ولنفس الغرض الأخلاقى المنافق، فإنه لم يتجرأ ويتجاسر ويغير عنواناً لإحسان، وبرغم موقف الكاتب الصحفى محمد ابن إحسان، السياسى والإخوانى، فإنه دافع عن تراث أبيه ورفض تغيير حرف واحد من رواياته. لا يعنينى أن الرواية الأصلية موجودة، وإنما كل ما يعنينى هو تعرية وكشف المنهج الذى يحكم «المعلم» الذى يمتلك تأثيراً كبيراً على حركة النشر فى مصر لدرجة تبنيه ناشراً إخوانياً والدفع به رئيساً لاتحاد الناشرين المصريين. ونحمد الله أن الناشرين قد أسقطوا هذا الإخوانى أخيراً. وبعيداً عن قصة نجيب محفوظ سأحكى لكم حكاية عن شخص طبع كتاباً مُذهّباً مجلداً فخماً عن سوزان مبارك ثم بعد ثورة يناير، وبعد خروج الكتاب من المطبعة، يقف هذا الشخص بنفسه ليفرم النسخ كلها وكأنه يدير مطعم كبابجى وليس دار نشر. سأترك لكم الحكم على من تأخذ وزارة التربية والتعليم كتبه نتيجة علاقة انسحاق وركوع وسجود وصلاة فى محراب سيدة مصر الأولى وليس نتيجة جودة كتاب أو أهميته فى نفس الوقت الذى تحفى وتتسول فيه دور النشر الأخرى ولا تجد أساساً من يسمعها أو يقرأ لها سطراً ثم بعدها تصير هذه السيدة هى الشيطان بعد أن كان يقدم لها القربان، وبعد أن كان يكلمها يومياً فى التليفون شد عليها السيفون!! وكان ياما كان فيه مناضل كبير انتفخت وتورمت خزائنه من طبع كتبه فى مكتبة الأسرة بضوء أخضر وبالفمتوثانية ثم بعد رحيل ولية النعم ووش السعد عن كرسى العرش انقلب 180 درجة لينادى بمسح صورتها من على الكتب، ولكن بعد أن قبض شيكات كتب الأسرة وتوتة توتة لم تنته الحدوتة!! الحكم للقارئ الذى تم خداعه بأن ما حدث فى رواية نجيب محفوظ هو موقف أخلاقى، والسؤال: ما هو معيار الأخلاق بالضبط فى زمن يقود فيه عمرو خالد حملة أخلاقنا؟ أقرر فى النهاية أننى أحترم جماعة «آسفين يا ريس» المتسقين نفسياً فى مواقفهم السابقة واللاحقة مهما اختلفت مع تلك المواقف أكثر من أدعياء الثورة حسب المقاس والمصلحة وسماسرة الأخلاق القطرية المشتركة.